ننشر لكم جزء من سلسلة ملازم وملخصات لتاريخ مصر و العرب الحديث و المعاصر(القسم الأدبي) في النظام الثانوى الجديد.
الفصل الأول:الحملة الفرنسية على مصر و الشام(١٧٩٨-١٨٠١م)
تنقسم الحملة الفرنسية على مصر و الشام إلى سبع أجزاء و هم :
١-محاولات فرنسا الاستيلاء علي مصر.
٢- العوامل التي أدت إلى قدوم الحملة الفرنسية ١٧٩٨م
٣- المجتمع المصرى قبيل قدوم الحملة الفرنسية.
٤-وصول الحملة الفرنسية.
٥- مقاومة الحملة الفرنسية.
٦- جلاء الحملة الفرنسية.
٧-أثر الوجود الفرنسي في مصر.
و نحن سنتناول منهم ٦ أجزاء فقط....
محاولات فرنسا الإستيلاء علي مصر
في عهد "لويس الرابع عشر" عام (1672 – 1714م) تم إحتلال فرنسا لمصر ؛ بهدف ضرب التجارة الهولندية في الشرق.
وفي عهد "لويس الخامس عشر" (1769م) تجددت الفكرة ، و لكن ليس من خلال حملة عسكرية و إنما عن طريق (طلب فرنسي) ، حيث أن يتم تنازل الدولة العثمانية عن مصر.
في حكم "لويس السادس عشر" تكررت المحاولة ؛ لتسهيل تجارة فرنسا مع شرق آسيا عن طريق مصر بدلاً من الدوران حول إفريقيا.
ثم كانت المحاولة الرابعة و الأخيرة بعد قيام الثورة الفرنسية 1789م ، و محاولة فرنسا تأمين تجارتها من خطر المماليك.
العوامل التي أدت إلى قدوم الحملة الفرنسية على مصر 1798م
1- الصراع الإستعمارى بين انجلترا و فرنسا و الذى بدأ في القرن السابع عشر و استمر طوال القرن الثامن عشر .
2- قيام الثورة الفرنسية في 14 يولية 1789م كأول ثورة اجتماعية قادها أبناء الطبقة الوسطى بالتحالف مع طبقة العامة ، و التي قد انتهت بالقضاء علي النظام الملكي و إقامة النظام الجمهوري ، و إعدام الملك "لويس السادس عشر" فأدرك ملوك أوربا خطورة هذه الثورة علي عروشهم فتحالفوا فيما بينهم للقضاء علي هذه الثورة و إعادة الملكية إلى فرنسا و منع تسرب مبادئ هذه الثورة خارج حدود فرنسا ، و مثلت انجلترا عنصراً مهماً في التحالف الأوربى ضد الثورة الفرنسية و شنت الدول الأوربية عدة حروب علي فرنسا انتهت بانتصار فرنسا على هذه التحالفات .
3- رغبة فرنسا في توجيه ضربة عسكرية لإنجلترا في عقر دارها ، إلا أن تفوق الأسطول الإنجليزى ، فقد فكر "نابليون بونابرت" فى توجيه ضربة عسكرية إلى إنجلترا خارج أراضيها ، و ذلك بغزو مصر ليحقق من خلالها تسهيل وتأمين مرور التجارة الفرنسية إلى الشرق بدلاً من طريق "رأس الرجاء الصالح" الذى يسيطر عليه الإسطول الإنجليزى ، و تهديد مصالح انجلترا و هدم إمبراطوريتها في الشرق ، و إقامة إمبراطورية فرنسية بدلاً منها .
يمكن إيجاز أسباب الحملة الفرنسية فيما يلي :
1)تسهيل مرور تجارة فرنسا إلى الشرق بدلاً من "طريق رأس الرجاء الصالح" الذى يسيطر عليه الإسطول الإنجليزى .
2)تقويض الامبراطورية البريطانية في الشرق .
3)رغبة فرنسا في إنشاء مستعمرة فرنسية في الشرق .
المجتمع المصري قبل الحملة الفرنسية
كانت مصر خاضعة للحكم العثماني ، و لكي تتعرف علي أحوال المجتمع المصري قبل قدوم الحملة الفرنسية يجب عليك تفهم تطورات الأحداث و المقارنة بين أوضاع المجتمع الفرنسي و أوضاع المجتمع المصري ، و كيف قاوم المصريون الإحتلال الفرنسي و ثاروا عليه حتي خرج من مصر.
أولاً : الحالة الأقتصادية:
1-الزراعة:
أ) كانت الأرض ملكاً للدولة ممثلة في السلطان العثماني ، و تزرع عن طريق تكليف الفلاحين ، بعد تسديد ما تقرره الدولة من ضرائب فيما عرف بحق "الانتفاع" .
ب) كان جمع هذه الضرائب يتم بواسطة ملتزمين يحصل الواحد منهم على التزام اى " امتياز" جمع الضرائب الخاصة بناحية أو مجموعة نواح .
ج) كان الملتزم يحصل علي قطعة من الأرض مُعفاة من الضرائب (تعرف بالوسية) مقابل قيامه بجمع الضرائب من المنتفعين ، و لقد عانى الفلاحون كثيراً من سطوة الملتزم في جمع الضرائب و استغلال نفوذه في فرض إتاوات خارج الضرائب المقررة لكى يعوض ما دفعه للخزينة و يحقق ربحاً مالياً ، و قد تسبب ذلك في إهمال الفلاح للزراعة ، فضلاً عن أن الدولة لم تهتم كثيراً بأمور الرى و تقوية الجسور تجنباً للفيضانات و حفظ الأمن مما قد أدي إلى (تدهور الزراعة) .
2-الصناعة:
أ) تدهورت الصناعة لأنها كانت يدوية بسيطة لم تصل إلى الألية كما حدث في أوربا.
ب) الصناع كانوا ينتظمون في طوائف تمثل الوسيط بينهم و بين الحكومة من حيث:
1- جمع الضرائب. 2- الإشراف علي الإنتاج.
ج) كانت طوائف الحرف الصناعية جزءاً من نظام الطوائف في مصر التي تضم اصحاب المهن المختلفة.
د) لكل فرد مكانته تحت إشراف (شيخ الطائفة).
3-التجارة:
تدهورت التجارة في مصر بسبب:
1-التجارة الخارجية: تحول الطريق التجاري بين الشرق و الغرب إلى طريق رأس الرجاء الصالح ، و اقتصرت صلاتها التجارية بدول(حوض البحر المتوسط – السودان – الحبشة – شبه الجزيرة العربية "بلاد العرب" – اليمن).
2-التجارة الداخلية: تأثرت نتيجة لعدم استقرار الأمن و اشتداد النزاع بين الفرق العسكرية و الإغارات المتلاحقة لبدو الصحراء ، و عدم ثبات قيمة العملة المتبادلة و اختلاف المكاييل و الموازين من مكان لآخر ، و ذلك (أدي إلى)تمكين التجار الأجانب من السيطرة علي أمور التجارة بسبب تنظيمهم من ناحية و بسبب التسهيلات التجارية التي تمتعوا بها من ناحية أخرى ، كما أدي إلى إرسال الضريبة المفروضة علي مصر و الهدايا للسلطان العثماني (فتدهور الإقتصاد).
ثانياً: الحالة الإجتماعية:
1- الحكام : هم الأتراك و البكوات المماليك
2- المحكومين : هم المصريين
ثالثاً: الحالة السياسية:
استحدث نظام الحكم العثماني لمصر أساليب و أدوات التبعية للسلطان العثماني و قامت في مصر ثلاث إدارات تحكمها و تراقب علي حكامها وهي:
1- الوالي: هو نائب السلطان
2- الديوان: سلطة مراقبة الوالي
3- البكوات المماليك: ادارة شئون الاقاليم
حمل نظام الحكم العثماني عوامل ضعف و ذلك بسبب:
1-قصر مدة حكم الوالي.
2- زيادة سلطة الديوان و الحامية العسكرية.
3-ضعف الدولة العثمانية أواخر القرن17.
لذلك تطلع المماليك للإنفراد بالحكم في البلاد و قد وضح هذا أيام "علي بك الكبير" زعيم المماليك في 1763م ، حيث استغل فرصة حروب الدولة العثمانية في روسيا 1768م
فعزل الوالي العثماني و منع قدوم غيره ، و امتنع عن دفع الخراج ، بل و ضرب النقود بإسمه ، و اخضع الحجاز لنفوذه .
و ارسل نائبه "محمد بك أبو الدهب" لغزو الشام و لقتل السلطان فنجح في دخول دمشق إلا انه إنحاز للسلطان العثماني و اتفق معه ضد "علي بك الكبير" ، و عادت مصر ولاية عثمانية تحت حكم "شيخ البلد: محمد بك أبو الدهب" .
و شهدت مصر حكماً فيه صراعات متواصله بين المماليك أنفسهم أدت إلى تدهور إقتصاد البلاد و قلت التجارة الخارجية .
و عندما وصلت الحملة الفرنسية لمصر كانت مصر تحت حكم ثنائي مملوكي بين
"إبراهيم بك" و "مراد بك" .
وصول الحملة الفرنسية
وجد "نابليون بونابرت" أن أفضل وسيلة لتوطيد سلطة فرنسا في مصر ، بأن يعمل علي مجاملة الدولة العثمانية بقدر المستطاع ، و اجتذاب المصريين في صفة
و ذلك بإقناعهم انه جاء لمحاربة المماليك الغرباء عن البلاد الذين يستنزفون ثروة مصر و يظلمون أهلها و انه سينشأ حكومة أهلية يكون الحكم فيها للمصريين ،
و عبر عن ذلك في "منشور يونيو 1798م" الذي وزعه في مصر قبل وصول الحملة إلى الشواطئ المصرية.
و هدد بحرق القري و المناطق التي تتعرض للقوات الفرنسية.
وقد فوجئ المماليك بدخول الحملة في أوائل يوليو 1798م ، و كانت قوتهم قد استنزفت في النزاعات الداخلية فيما بينهم ، فلم يهتموا إلى تحصين حدود البلاد لمواجهة أية أخطار محتملة.
مقاومة الحملة الفرنسية
1-مقاومة أهالي الإسكندرية:
بعد ما وصلت الحملة الفرنسية إلى الإسكندرية حتي قاومها أهلها بزعامة السيد "محمدكريم" حاكم المدينة الذي اعتقلته القوات الفرنسية و أعدمته رمياً بالرصاص في سبتمبر 1798م.
2-مقاومة المماليك في موقعتي شبراخيت و إمبابة:
واصلت القوات الفرنسية زحفها نحو القاهرة فالتقت بقوات "مراد بك" بالقرب من شبراخيت في البحيرة ،
حيث هزم و تقهقر جنوباً للدفاع عن القاهرة و رابط عن إمبابة و هناك واجه المماليك الفرنسيين مرة أخرى و نجحت القوات الفرنسية في هزيمة المماليك في إمبابة ،
و فر "مراد بك" إلى الصعيد و "إبراهيم بك" و الوالي العثماني إلى الشام و دخل "نابليون بونابرت" القاهرة في يوليو 1798م بعد أن خلت القاهرة من ايه قوة للدفاع عنها.
3-موقعة أبي قير البحرية:
تمكن الأسطول الإنجليزي بقيادة "نلسون" في أغسطس 1798م من إغراق أسطول الحملة الفرنسية ، مما قضي علي آمال فرنسا في بسط سيطرتها علي حوض البحر المتوسط ، كما حرم الحملة من إمدادات فرنسا لها .
4-مقاومة أهالي الصعيد:
اتجه "نابليون بونابرت" إلى الصعيد للقضاء علي المماليك بقيادة "مراد بك" لخطورة ذلك علي الملاحة في نهر النيل و رفض "مراد بك" التسليم للفرنسيين مقابل حكمه لصعيد مصر تحت إشراف فرنسي ،
و استطاع "نابليون" الأنتصار عليه ، إلا أن روح المقاومة الوطنية اشتعلت في نفوس أهالي الصعيد ، و فشلت الحملة في إخضاع أهالي الصعيد ،
و انضمام قوة من الجزيرة العربية إليهم من ناحية ، و استخدام حرب المناوشات و المعارك المتفرقة ضد الفرنسيين من ناحية أخرى ، و استمرت هذه المقاومة قرابة عشرة أشهر.
5-ثورة القاهرة الأولي 1798م:
قاد "الأزهر الشريف" المقاومة ضد الإحتلال الفرنسي في القاهرة و قتل الحاكم الفرنسي للمدينة ، كما اشتعلت الثورة في الأقاليم المجاورة ،
و استخدمت القوات الفرنسية القمع و الإرهاب و أعدمت الكثير من الثائرين ، و دخلوا الجامع الأزهر بخيولهم مما آثار الشعور الديني لدي المصريين.
6-التحالف العثماني الإنجليزي الروسي:
تحالفت الدولة العثمانية مع انجلترا و روسيا لإخراج الفرنسيين من مصر بالقوة العسكرية ، و ذلك من خلال إرسال حملتين إحدهما برية قادمة من الشام و الأخرى بحرية متجهة إلى الإسكندرية .
علم "نابليون" بذلك فخرج بحملة عسكرية إلى الشام في مارس 1799م ، لكنه فشل في اقتحام مدينة "عكا" (بم تفسر؟) بسبب حصانتها و استبسال أهلها في الدفاع عنها بقيادة حاكمها "أحمد باشا الجزار" و معاونة الأسطول الإنجليزي لها .
فقرر "نابليون" العودة إلى القاهرة و بعد ما وصل إليها جاءه خبر وصول الأسطول العثماني إلى أبي قير في يوليو 1799م ، و نزول العثمانيين في أبي قير فتوجه إليهم و هزمهم شر هزيمة.
فقرر "نابليون" العودة سراً إلى فرنسا ؛ لمواجهة المتاعب التي تعرضت لها الحكومة الفرنسية مع النمسا و حلفائها تاركاً قيادة الحملة لنائبه "كليبر" في أغسطس1799م .
أدرك "كليبر" استحالة بقاء الحملة في مصر و ذلك بسبب:
1-تناقص أعداد الجند.
2- مواصلة الدولة العثمانية لحملاتها ضد الحملة الفرنسية.
3-تجديد مقاومة المماليك و ثورات المصريين.
معاهدة العريش (يناير 1800م):
عرض "كليبر" علي السلطان العثماني و قائد الأسطول الإنجليزى خروج الحملة الفرنسية من مصر بشرط خروجها علي نفقة الدولة العثمانية.
(النتيجة) رفضت حكومة انجلترا الإتفاقية و أصرت علي استسلام القوات الفرنسية ، مما اضطر "كليبر" لمهاجمة القوات العثمانية و طردها إلى الشام.
7-ثورة القاهرة الثانية:
عاني المصريون من متاعب القوات الفرنسية فقاموا بمهاجمة معسكراتهم ، إلا أن القوات الفرنسية قامت بإخماد الثورة في الوجه البحرى ، في حين اتفق الفرنسيون مع "مراد بك" علي إخضاع ثورة الصعيد مقابل حكمه لها .
استطاع شاب سوري الأصل يدعي "سليمان الحلبي" الذي كان يدرس بالأزهر الشريف أن يقتل "كليبر" في يونيه 1800م ليتولي "مينو" قيادة الحملة من بعده .
جلاء الحملة الفرنسية
أراد "مينو" أن يحول مصر إلى مستعمرة فرنسية كبري ، كما كان ينوى الإقامة فيها ، فقام بوضع خطة إصلاحية في مجالات (الزراعة و الصناعة و التجارة و الصحة و القضاء).
إلا أن انجلترا أرسلت أسطولاً جديداً إلى أبي قير (فبراير 1801م) ، و انضم إليها الجيش العثماني و بعض زعماء المماليك و نجحوا في دخول القاهرة.
فأستسلمت الحملة الفرنسية و غادرت مصر في ( 18سبتمبر 1801م).
تعليقات
إرسال تعليق